بين سلاح المقاومة وورقة براك… أسئلة مشروعة عن وجهة الدولة/ محمد حسين إسماعيل
في توقيت بالغ الحساسية، أعلنت الحكومة اللبنانية قرارين متتاليين، كلاهما يحمل دلالات سياسية وأمنية دقيقة وخطيرة.
الأول، هو فتح نقاش داخلي رسمي حول سلاح المقاومة، والثاني، هو القبول بما يُعرف بـ”ورقة توم براك”، باعتبارها قاعدة للتفاوض والتهدئة.
بعيدًا عن الانفعال، لا بد من قراءة هذه الخطوات بتمعّن، لأنها تمس جوهر الهوية الوطنية، وحدود السيادة، ومفهوم الردع، الذي لطالما شكّل عنصر التوازن الوحيد في ظل غياب الدولة الفاعلة.
إن وضع سلاح المقاومة على طاولة النقاش قد يبدو، للوهلة الأولى، خطوة نحو تنظيم العلاقة بين الدولة والمقاومة.
لكن، في السياق الراهن، حيث تُطرح ورقة براك كحلٍّ مفروض، وحيث تتقدم مقاربة أمنية بحتة على حساب العدالة والسيادة، فإن هذا الطرح يُفهم على أنه محاولة لإعادة تعريف المقاومة خارج سرديتها الوطنية، وتحويلها من ضرورة دفاعية إلى عبء سياسي.
ورقة براك، بمضامينها ومحدداتها، تفتح الباب أمام واقع جديد، تُرسم فيه حدود لبنان وفق ميزان قوى مختل، وتُربط فيه أي ردة فعل دفاعية بضوابط خارجية.
إنها، بكل بساطة، ليست ورقة “سلام”، بل إطار لضبط لبنان وتقييد قدرته على الرد، مقابل وعود بتهدئة مشروطة لا تلغي الخطر، بل تُديره.
وحين تتزامن هذه الورقة مع فتح ملف السلاح، يصبح السؤال مشروعًا:
هل نحن أمام بداية مسار داخلي لتفكيك عناصر القوة الوطنية، طوعًا؟
وهل باتت مؤسسات الدولة تنحاز، عن قصد أو عن ضعف، إلى تسويات تُفقد لبنان ما تبقى له من قدرة على حماية نفسه؟
ليست المشكلة في النقاش، بل في توقيته، وفي الخلفيات التي تدفعه، وفي الخطاب الذي يُسوّقه باعتباره طريقًا للإنقاذ.
لكن، وكما علمتنا التجربة، فإن الموازين لا تُكتب على الورق فقط، بل تُحسم على الأرض. والمقاومة التي صمدت في وجه الحروب، ليست كيانًا يمكن شطبه بقرار أو طمس شرعيته بإعلان.
ختامًا، إن ما يحتاجه لبنان اليوم هو حوار وطني مسؤول، يُبنى على وقائع لا أمنيات، وعلى إدراك عميق بأن الأمن لا يُصان بالتخلي، بل بالتوازن والعدل والكرامة.