رسالات: حين تصبح الثقافة وجهاً آخر للمkاومة/ نادين خزعل.

0
38
رسالات
رسالات
Please follow and like us:
RSS
Follow by Email
X (Twitter)
Visit Us
Follow Me

في خضم تغيّر المفاهيم وتبدل المعايير في عالم انقلبت فيه مقاييس المنطق والحق، تبقى الثقافة هي السلاح الأمضى في معركة الوعي.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!


ومن هنا وُلدت جمعية رسالات، فكانت منبراً للفكر والفن والالتزام، ومختبراً لصناعة الوعي المقاوم في لبنان والمنطقة.

آمنت “رسالات” أن الثقافة ليست ترفاً، بل واجباً حضارياً، وأن الفن يمكن أن يكون أداة مقاومة لا تقلّ أثراً عن البندقية.


تأسست الجمعية في لبنان، على يد مجموعة من المثقفين والفنانين الذين رأوا في الوعي حصناً لا يُقهر، وفي الكلمة والصورة واللحن أسلحة مشروعة لمواجهة الانحدار الفكري ومحاولات طمس الهوية.

لم تكتفِ “رسالات” بالتنظير للفكر المقاوم، بل لامست الناس، وقاربتهم في المدارس والجامعات والساحات بلغة الفن والإبداع.


من أمسيات شعرية تهتف لفلسطين، إلى عروض مسرحية تجسّد معاني الفداء، إلى معارض فنية تُعيد رسم الوجدان الوطني بألوانٍ من التراب والدم والكرامة، كلّ ما قدمته “رسالات” كان ينبع من نبض الأرض ووجع الناس..

ولأنها جسدت مشروع وعي يتجاوز الجغرافيا، لم تعد “رسالات” مجرّد جمعية، بل تحوّلت إلى فضاء فكري مفتوح يجمع المفكرين والفنانين والباحثين حول هدفٍ واحد: بناء مجتمعٍ يعي ذاته وهويته.


وفي ظلّ الانقسام والتشتّت الثقافي، كانت “رسالات” من المؤسسات القليلة التي قدّمت نموذجاً ثقافياً متكاملاً يوازن بين الأصالة والتجديد، بين الالتزام والجمال، فجمعت المسرح بالشعر، والسينما بالفكر، والموسيقى بالتأمل الروحي والسياسي.

لم تُخفِ الجمعية يوماً انتماءها إلى خطّ المقاومة، لا كحركة سياسية، بل كنهج فكري وإنساني يرى في الدفاع عن الحقّ والكرامة فعلاً ثقافياً بامتياز.فكلّ نشاط، وكلّ ندوة أو عمل فني تنظمه “رسالات”، كان يحمل في جوهره فكرة المقاومة: مقاومة الجهل، مقاومة الضعف، ومقاومة الاحتلال.


ومن خلال هذا النهج، استطاعت أن ترفع منسوب الوعي في بيئاتٍ كانت عطشى للثقافة، وأن تخلق توازناً بين السلاح الذي يحرر الأرض، والفكر الذي يحرر الإنسان.

على مرّ السنوات، تعاونت الجمعية مع نخبة من المثقفين والفنانين اللبنانيين والعرب الذين آمنوا برسالة الفن الملتزم، منهم شعراء رفعوا الكلمة إلى مقام الشهادة، ومسرحيون قدّموا عروضاً تحمل وجع الوطن وبهاء المقاومة، وموسيقيون جعلوا من اللحن مرثيةً وأغنيةَ انتصار في آنٍ واحد.


كما استضافت “رسالات” كتاباً ومفكرين من مدارس فكرية متعددة، ما أغنى التجربة بالحوار والتنوع، ورسّخ موقعها كمنبر يجمع بين الالتزام والانفتاح، بين الأصالة والتجدد.

في المشهد الثقافي اللبناني والعربي، ترسخت “رسالات” نبراسًا تضيء مسار الوعي في زمن العتمة.

رسالات هي مشروعٌ لا يمكن الغاؤه، مشروع يتجدد مع كلّ جيلٍ جديد من الشباب الذين يجدون في الثقافة درباً للانتماء، وفي الفن طريقاً للمقاومة.


من خلال أعمالها المتواصلة، تُثبت الجمعية أن الثقافة المقاومة ليست موسمية ولا آنية، بل نهج حياةٍ يُبنى على الإيمان بالإنسان وحقّه في الحرية والجمال.

اليوم، وبعد سنوات من العمل الدؤوب، تبدو “رسالات” كأنها مؤسسة تكتب سِفرها الثقافي بحروفٍ من صدق.


فهي تُدرك أن الطريق ما زال طويلاً، وأن التحديات كثيرة، لكنها تؤمن أن الثقافة إذا حملت روح المقاومة، قادرة على أن تُعيد للأمة بوصلة الحق، وأن تحفظ ذاكرتها في وجه محو التاريخ وتزوير الوعي.

“رسالات” هي رسالة…


رسالة تؤمن أن الكلمة إذا صدقت، تُقاوم..


وأن الفن إذا التزم، يُحرّر..


وأن الثقافة، حين تُزرع في وجدان الناس، تُنبت وطناً لا يُهزم..

رسالات هي عَلمٌ من عِلمٍ…


رسالات هي خبرٌ….


رسالات لا تلغى بعلم وخبر……

تلغرام
تلغرام