انتخابات أم انتهاكات؟/ ابراهيم زين الدين.

0
33
Please follow and like us:
RSS
Follow by Email
X (Twitter)
Visit Us
Follow Me

بينما تتسابق القوى السياسية اللبنانية والأحزاب على اختلاف مشاربها وطوائفها لتحديد موعد الانتخابات النيابية المقبلة، المقررة في أيار 2026، يعيش لبنان على وقع مشهدٍ آخر تمامًا: مشهد الدم والدمار. فبعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، التي دمّرت عشرات القرى في الجنوب والبقاع، وتسبّبت بخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية، يعيش اللبنانيون اليوم بين أنقاض منازلهم المهدّمة وذكريات أحبّتهم الذين رحلوا.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

تلك الحرب خلّفت آلاف المتضرّرين، ودمّرت مؤسسات تربوية وسكنية وتجارية، وأعادت إلى الأذهان مشاهد حرب تموز 2006 بكل ما حملته من وجعٍ ومرارة. ومع ذلك، يبدو أنّ الدولة اللبنانية منشغلة بصراعاتها السياسية الضيّقة، وبحسابات السلطة، وبالاستجابة لإملاءات الخارج، بدل الانكباب على لملمة الجراح ومساعدة الناس على النهوض من تحت الركام.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه الانتهاكات الإسرائيلية اليومية من غاراتٍ وقصفٍ واغتيالاتٍ واعتداءاتٍ متكررة، لا تزال الدولة تكتفي ببيانات الشجب والاستنكار، وكأنّ دماء الأبرياء لا تستحق أكثر من بضع كلماتٍ تُلقى في الهواء. آخر هذه الجرائم كان استهداف شابٍ فقد بصره في حادثة البايجرز، فاستشهد مع زوجته في وضح النهار داخل مدينة النبطية، على مرأى من الناس، في مشهدٍ يختصر عجز الدولة وتواطؤ العالم.

فأي انتخاباتٍ تتحدّثون عنها؟
عن أي ديمقراطيةٍ تُنظّرون والبلاد تئنّ تحت القصف والدمار؟
كيف يمكن للبنانيّ أن يفكّر بصندوق اقتراعٍ فيما بيته مهدّم، وأطفاله مشرّدون، وأمنه مفقود؟

إنّ الحديث عن انتخاباتٍ جديدة وسط هذا الخراب ليس إلا محاولة للهروب من الواقع، وتجميل مشهدٍ فقد معناه. فالتجارب الماضية أثبتت أن الوجوه تتبدّل، لكن السياسات تبقى على حالها، وأنّ الانتهاكات لا تتوقف، بل تزداد قسوةً كل عام.

أيها المسؤولون، اتّعظوا قبل فوات الأوان.
أوقفوا الانتهاكات قبل أن يُمحى البلد بأكمله، فلا يبقى لا ناخبٌ ولا مجلسٌ نيابي، بل وطنٌ غارق في صمته ودمه.