غزة تحت النار… والعالم يختنق بصمته
كتب مبارك بيضون
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!منذ ما يزيد عن عشرة أشهر، يعيش أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة تحت الحصار، وسط دمار شامل، وجوع قاسٍ، وقتل يومي لا يميز بين طفل وشيخ، بين امرأة أو مسعف. ما يجري ليس مجرد “عملية عسكرية” كما تصفها إسرائيل، بل هو مشهد متكامل لإبادة جماعية تُرتكب على مرأى من العالم وبصمت دولي قاتل.
مشاهد الطوابير الطويلة على شاحنات المساعدات، حيث يتقاتل الجوعى على ما يمكن أن يبقيهم أحياء ليوم إضافي، تقف شاهدًا مرعبًا على فشل الإنسانية، وانهيار منظومة العدالة الأممية. في الوقت الذي تُرمى فيه المساعدات من الجو على رؤوس الجائعين وكأنهم كائنات لا تستحق الحياة الكريمة، تمارس إسرائيل عدوانها بكل عنف وسط تواطؤ دولي وصمت يشبه التواطؤ.
عدالة أممية في غرفة الإنعاش
رغم أن محكمة العدل الدولية حذرت في وقت مبكر من وجود أدلة على نية الإبادة، ورغم التوثيق الدقيق الذي قدمته منظمات حقوقية محايدة، لم يتحرك العالم لوقف المجزرة. مجلس الأمن مشلول بسبب الفيتو الأمريكي، والبيانات الدولية لا تتعدى “القلق العميق”. أما المؤسسات الأممية، فتبدو كشاهد زور على مأساة مكتملة الأركان.
ما نراه اليوم ليس فشلًا في وقف العنف فحسب، بل انهيار لمفهوم القانون الدولي نفسه، وإهانة صريحة لكل ما بُني بعد الحرب العالمية الثانية من معاهدات، واتفاقيات، ومبادئ يفترض أنها تحمي الإنسان من وحشية الإنسان.
شريعة الغاب تطرق الأبواب
حين يُترك شعب بأكمله ليُباد، وتُغلق في وجهه أبواب العدالة والمساءلة، فإننا نكون قد تجاوزنا حدود السياسة والدبلوماسية إلى عالم آخر؛ عالم تُحكم فيه الأرض بشريعة الغاب، حيث لا مكان للضعفاء، ولا وجود للضمير.
إن السكوت العالمي على ما يحدث في غزة ليس مجرد عار أخلاقي، بل خطر وجودي على مستقبل النظام الدولي. فمن يبرر لإسرائيل اليوم، قد يجد نفسه غدًا في مواجهة من يسير على نفس النهج، ومن يرى في الإفلات من العقاب وسيلةً للانتصار.
من يصمت اليوم… سيصرخ غدًا
الرهان على الوقت، وعلى أن العالم سينسى، هو رهان خاسر. الشعوب قد تصمت، لكنها لا تنسى. الصراخ في غزة اليوم هو صراخ ضد الظلم الذي قد يطرق أبواب الجميع. ومن لم يتحرك الآن، فقد لا يجد من يتحرك له لاحقًا…