الدولة بين امتحان السيادة وخيانة الخطاب/ محمد غزالة

0
25
محمد غزالة
Please follow and like us:
RSS
Follow by Email
X (Twitter)
Visit Us
Follow Me

كتب مدير شبكة الزهراني الاخبارية ZNN محمد غزالة :

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

حين تُحتل أرض دولة أو تُنتهك سيادتها، يكون الاختبار الحقيقي ليس للشعارات ولا للنصوص الدستورية، بل لقيم الدولة نفسها: هل تتحول السيادة إلى ممارسة عملية، أم تبقى حبرًا على ورق؟

في لبنان، تتجسد المعضلة بوضوح. فالضغط الشعبي والسياسي يتفاقم، والانقسام الداخلي يأخذ أبعادًا عمودية وأفقية تهدد الكيان برمته. بدل أن تكون الدولة مرجعية توحّد اللبنانيين في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، تتحول في كثير من الأحيان إلى طرف في نزاع داخلي، أو أداة لتصفية الحسابات بين مكونات السلطة.

الدولة الحقيقية، حين تُحتل أرضها، تقف صفًا واحدًا خلف مشروع التحرير. تصوغ خطابًا وطنيًا يرفع من قيمة التضحية، ويؤكد أن كرامة المواطن من كرامة الوطن. أما الدولة الضعيفة، فتتلعثم في مواقفها، وتتعاطى مع الخارج بانتقائية، ومع الداخل بكيدية، فتصبح السيادة سلعة قابلة للمساومة.

خطاب الدولة ليس تفصيلاً شكليًا. هو انعكاس لمنظومة قيم تحدد اتجاهها: هل نحن أمام دولة تستمد شرعيتها من دفاعها عن الأرض والإنسان، أم أمام سلطة تبحث عن شرعيتها في رضى الخارج وموازين القوى الطائفية؟

اللبنانيون اليوم يشهدون التباسًا خطيرًا: مؤسسات رسمية تتعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية وكأنها شأن ثانوي. في المقابل، هناك طائفة قدّمت الشهداء والدماء من أجل السيادة الوطنية، لكنها تُواجَه بحملات تحريض منظمة، بدل أن تُكافأ باعتبارها خط الدفاع الأول عن الوطن.

إن قيم الدولة في مواجهة الاحتلال والانتهاك يجب أن تقوم على ثلاثة مرتكزات:

  1. خطاب سيادي واضح لا لبس فيه تجاه العدو.
  2. سلوك سياسي موحّد يترجم هذا الخطاب إلى فعل دبلوماسي وعسكري وقانوني.
  3. مؤسسات قوية تجعل من السيادة مسألة فوق الانقسام والولاءات.

ولأن اللحظة الوطنية دقيقة وخطرة، فإن المسؤولية تقتضي أن نعيد الاعتبار لوحدة اللبنانيين حول عنوان واحد هو حماية الوطن وصون سيادته. فالانقسامات مهما تعمّقت، تبقى صغيرة أمام خطر ضياع الأرض والكرامة. إن الدعوة اليوم هي إلى اللقاء على كلمة سواء، قبل أن يسبقنا الزمن وتضيع فرصة الإنقاذ.