خطف النساء في لبنان: دولة غائبة وإعلام صامت… إلى متى؟/ هادي حلال.

0
447
Please follow and like us:
RSS
Follow by Email
X (Twitter)
Visit Us
Follow Me

في بلدٍ يزعم أنه ما زال “واحة الحريات” و“منارة الشرق”، تتزايد في الكواليس أخبار خطف النساء والفتيات في أكثر من منطقة لبنانية. روايات مرعبة تنتشر على ألسنة الناس وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، معظمها تشير إلى أن المخطوفات يُنقلن عبر الحدود إلى سوريا، حيث تختفي آثارهن تماماً.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

الأسوأ من الجريمة نفسها هو الصمت الرسمي: لا بيانات أمنية شفافة، لا إيضاحات للرأي العام، ولا حتى مبادرات لطمأنة الناس. وكأن الدولة قررت أن تُسلِّم مواطنيها لقدرهم، تاركة النساء فريسة عصابات منظمة تتحرك بأريحية تامة.

الدولة تتفرّج.

هل يُعقل أن بلدًا صغيرًا كلبنان يعجز عن تفكيك شبكات خطف معروفة بخطوط تهريبها ومساراتها؟ لماذا لا نسمع عن توقيف عصابة واحدة بحجم الظاهرة التي يتحدث عنها الناس؟ ولماذا يُترَك المواطنون يعيشون في ذعر دائم من دون أي توضيح رسمي؟
إن هذا التقاعس ليس بريئًا. إمّا أن الدولة عاجزة عن مواجهة هذه العصابات، أو أنها متواطئة بصمتها وتستّرها.

الإعلام بدوره شريك في الصمت.

المفارقة الصادمة أن معظم وسائل الإعلام اللبنانية، التي تتسابق عادةً على أي خبر تافه أو فضيحة سياسية سطحية، تلتزم صمتاً غريباً حيال هذه الظاهرة. لا تحقيقات استقصائية، لا تقارير ميدانية، ولا حتى أسئلة جريئة في نشرات الأخبار. وكأن هناك تعتيماً متعمّداً أو قراراً بعدم الاقتراب من هذا الملف الخطير.

قد يكون الإعلام مكبَّلاً بضغط سياسي أو مالي، أو ربما يعتبر أن الخوض في ملف خطف النساء والاتجار بالبشر لا يوفّر له مكسباً مادياً أو إعلانياً، وبالتالي لا يستحق أن يضيء عليه. وكأن حياة النساء وكرامتهن لم تعد خبراً مربحاً بما يكفي!

الخطر على كل بيت.

ظاهرة خطف النساء ليست مجرد خبر عابر، بل هي جريمة تهدد كل بيت لبناني. الخوف لم يعد نظرياً: أي فتاة قد تكون الضحية التالية، وأي عائلة قد تعيش كابوس الاختفاء من دون أثر. وفي ظل غياب الدولة وإهمال الإعلام، يبقى المجتمع مكشوفاً أمام أخطر أنواع الجرائم: الاتجار بالبشر.

أسئلة برسم الضمير.

لماذا يتم التكتّم على هوية العصابات التي يُقال إنها تنشط على الحدود؟

من يحمي هذه الشبكات ويغطيها؟

لماذا لم يُفتح حتى الآن تحقيق قضائي أو إعلامي جدي حول هذه الحالات؟

وهل يجوز أن يعيش الناس على الشائعات بدل أن يعرفوا الحقيقة من دولتهم وإعلامهم؟

في النهاية، إن الصمت أخطر من الخطف، والتستر أخطر من العصابات نفسها. لبنان الذي يتغنى بالحرية والكرامة، يترك نساءه يُسحبن إلى المجهول، بينما الدولة تتفرج والإعلام يصفق للصمت.

تلغرام